في ظلمة بيجاد بقلم ميادة مأمون
ولو غلطه صغيرة عشان يسجني ويفضل هو منفرد بيهم لحد ما يقضي علي امي.
يبقي مش لازم تديله الفرصه دي.
واخويا الصغير اللي مشقيه وبيشغله زي العبد زياد لسه عيل مايقدرش علي الشقي ده كله شغل المزرعه كتير عليه اوي.
خلاص انا عشان واثق فيك هاسمحلك تخرج كل يوم باليل انت وحسن عشان تروحو تخلصوله شويه من شغله بس المشكله هاتدخلو المزرعه ازاي والغفير هناك.
كده يبقي أتفقنا وانا معاك يا بيجاد بس بشرط ماتحاولش ټأذي نفسك او اي حد تاني وتقولي علي كل صغيرة وكبيرة تحصل.
انا هاسمع كلامك وهاعمل اللي تقولي عليه بس لحد السنه دي ما تخلص واخرج من هنا واسترد حريتي تاني.
انا رقبتي لصاحبي يا أستاذ وديما هاكون في ظهره وايدي هتبقى سابقه ايده في الشغل كمان.
انا لا عايز رقبتك ولا يلزمني الكلام ده يا اخويا انا هاخرجك مع بيجاد علي ضمانتي الشخصية ولو اني مش واثق فيك ياض انت.
الله ليه بس كده يا استاذ ما احنا كنا ماشين كويس.
عارف ليه يا حسن عشان بيجاد ابن ناس حكايته معروفه ومش بس للدار لاء للبلد كلها والمفروض مكانه ميبقاش هنا لكن انت بقي زرع شيطانيومن صغرك وانت مشاغب وبتسلك في اي حاجه.
ما هو ده اللي مطمني من ناحيتك ياض وعارف انك انت اللي هتسلك مع اي حد يقف في وش بيجاد.
برقبتي يا استاذ وربنا بيجاد ده اخويا مش صاحبي وبس.
وفي مساء اليوم الثاني وصلوا هم الاثنان الي مزرعة عمه والتي كانت قبل ذلك ملك لأبيه والمفترض ان تكون ملك له هو وأخيه.
واليوم ماذا عن اليوم هم الآن منكسرون لا يملكون شئ واخيه يعمل بها كأقل عامل بسيط ايقظه صديقه من غفوته الفكرية هذي وهو يلكظه في عضده
بيجاد انت يا عم هو احنا جايين المشوار ده كله عشان تقف متسمر وسرحان كده.
انتبه إلى هتاف صديقه نفض رأسه ملتفتا له قائلا
هاه لاء يلا بينا يا حسن.
يلا بينا علي فين تعالي ننط من علي السور.
السور ده للحراميه يا حسن انما انا لما احب ادخل ملكي ادخله من الباب ويضرب ليا تعظيم سلام كمان.
ملكك ايه ياض استنى انت هاتدخل من البوابه كده هاننكشف يا بيجاد.
لم يقف او يستدير اليه حتى يرد كلماته بل اشار له بأن يتبعه في صمت
رفع الرجل رأسه منتبها لهم.
عايزين حاجه يا أفندي انت وهو مالكم واقفين كده ليه.
انت مش فاكرني يا حماد ولا ايه
مين لمؤاخذه يعني انت شكلك مش غريب عليا انما التاني ده معرفوش.
انا بيجاد يا حماد.
هاه بيجاد.
اه بيجاد مراد الألفي افتكرتني ولا لسه مش فاكرني
طب مش فاكر لما كنت بتركبني علي حصان ابويا انا واخويا وتلف بينا ساحة المزرعه بحالها واحنا صغيرين.
افتكرتك يا غالي يا أبن الغالي معلشي يا ولدي العتب على النظر اصل شكلك اتغير عن ما كنت صغير.
ههههههه انت اللي شكلك كبرت وعجزت يا حماد دول هما سبع سنين بس اللي مش شوفتني فيهم يا راجل يا عجوز.
وهما سبع سنين شويه يا ولدي دول حصل فيهم كتير جوي.
اهو عشان الكتير ده انا جاي النهارده يا عم حماد.
خير يا ولدي كل اللي ربك يدبره لينا خير بس جولي انت جاي النهارده ليه
جاي عشان زياد اخويا يا عم حماد.
ماتكملش يا ولدي والله جلبي بيتجطع كل مابشوفه وهو بيشتغل في المزرعه دانا حتي مستعيبها بقي ولد مراد الألفي يشتغل كلاف للبهايم ولما يتعب ومايقدرش يكمل شغل يتهان وينضرب.
شوفت الزمن يا عم حماد بس معلش كل شئ وله اخر
المهم انا جايلك النهاردة عشان تخليني اعمل الشغل اللي المفروض اخويا يعمله انا وصاحبي وكل يوم في الميعاد ده هاكون موجود هنا.
والله راجل من ظهر راجل يا ولدي ماشي كلامك يا ولدي واني هابقي معاكم واهو نخف الحمل من علي الواد الغلبان شويه.
لم يمل او يكل من هذا العمل الشاق كل يوم يذهب هو صديقه الي المزرعه يعملون بها طيلة الليل لبزوخ النهار حتي ينجزو معظم الاعمال ويترك لأخيه بعضها الخفيف حتي لا ينكشف امره.
ولكن اليوم حدث شئ ليس في الحسبان.
خلاص كده انا تمام اوي يا بيجاد خلصت كل الشغل اللي عليا.
ماشي يا حسن يلا بينا نرجع علي الدار.
لاء دار ايه بقولك روح انت وانا نصايه كده وارجع.
الله ولاا انت ما تقولي ايه الحكايه! انت كل يوم تخلص معايا الشغل وتسيبني ارجع لوحدي ليه بتروح فين يا حسن
بلقط رزقي يابا انت ناسي اننا مبقاش لينا غير شهور بسيطه ويخرجونا من الملجأ
انت وهترجع علي ڨيلا ابوك انا بقي هاروح فين
لأ ماتخفش مش هاسيبك تروح
في حته هاخدك معايا.
طيب هاقعد معاك بس هانجيب المم احنا الاتنين منين انت وبتذاكر يبقي لازم انا اشتغل.
ايوه وبتشتغل ايه بقي يا فتك افندي انت
بشتغل مرسال عند الحج عدلي العزيزي تسمع عنه
الحج عدلي العزيزي اه طبعا عارفه دا يبقي صاحب مهران الانتيم ومعروف عنه في البلد انه شغله مش تمام! وانت بقى بتشتغل عنده مرسال ازاي يعني
يعني بيبعتني بشنطه فيها شوية بكتات صغيرة كده وانا اوزعها علي ناسه والم الغله بتاعته وأرجعها ليه تاني.
لأ ثواني كده أقعد بقى شوية وفهمني الحوار كله براحة عشان انا مش فاهم حاجه خالص.
يووووه احنا لسه هانحكي بص انت تسيبني اروح دلوقتي
ولما ارجع نبقي نحكي مع بعض زي مانت عايز وهبقي ارسيك علي التيتة كلها.
طب استني بس مش يمكن لما تفهمني اشتغل معاك!
وقف وهو معطيه ظهره مزهول من تصريحه هذا.
تشتغل معايا انت يا ابن الاكابر.
هما فين الأكابر دول ما انت عارف اللي فيها يا حسن انت ناسي اني انا مابقاش حيلتي حاجه وكل مالي انا واخويا شفطه مهران في كرشه.
عايز تعوض يعني يا بيجاد.
طبعا انا لازم لما اخرج من الملجأ يكون معايا مبلغ اتسند عليه عشان أقدر اقف في وشه بقلب جامد واخد امي وأخويا من عنده وبعد كده أقدر ارجع املاكي حاجه ورا التانيه.
طب وامتحاناتك والمذاكرة ولا ناوي تسيب المدرسه زيي.
لأ انا هاكمل وهادخل الامتحانات واذا كان نصيبي اني اتحرم من كلية الشرطه زي ما ابويا كان بيتمني يبقي هدخل الحقوق وهاخد حقي يعني هاخده من مهران الالفي.
كده طب يلا بينا.
بس في حاجه عايز انبهك ليها قبل ما اروح معاك!
في ايه تاني يا بيجاد
بلاش تقول لعدلي العزيزي انا ابقي مين عشان اول ما هاتقوله هيقول لمهران وانا مش عايز احسسه بيا دلوقتي خالص
عيب عليك ودي بردو حاجه تفوتني انا اه مكملتش تعليمي بس بفهم يعني.
مش بالعلام يا حسن صدقني.
عارف يا ابا دا العلم في الراس مش الكراس.
ها هم يصلو الي مقصدهم في هذا الليل
اسفله يقف عدد مهول من اجسام ضخمه لرجال ذو عضلات كبيرة يتصدرون بوابة حديدية عالية.
تقدم منهم احدهم ووقف امامهم مستفهم
يا مرحب يا حسن وجه جديد ده ولا ايه.
اه حاجه زي كده.
زي ازاي يعني ياض ما انت عارف احنا ماعندناش زي دي ياض! هو يا يبقي معانا يا يبقى علينا.
معانا يا عم معانا وربنا
طب جاي ليه شاري ولا بايع
لاء يا سيدي ده هيبقي ديلر معايا بس الباشا بقي يشوفه الاول.
اممم بس ماله شكله طري كده!
ثم مد يده قاصد وضعها علي عنق بيجاد من الخلف.
اسمك ايه يا شاطر
بدوره رد كفه قبل ان يلمسه ونفضه من عليه وهو يجيبه برعونه وثقه بالنفس
اسمي بدر وبالعكس انا مش شاطر دا انا غبي وغبي قوي كمان.
لأ جدع ياض طب استنوا لحد ما ادخل اقول للحج عدلي انكم هنا.
هاه هم يقفون امامه وهو جالسا يخرج من انفه ادخنة الارجيلة ويشير عليه بأصبعه بتكبر ملحوظ.
مين ياض يا حسن اللي انت جاي وجره وراك ده
صاحبي يا حج عدلي وجاي قاصدك في شغل معايا.
يا ما جاب الغراب لامه يا خويا علي اساس اني فاتحها تكيه.
هذه المره اجابه بيجاد برعونه قبل ان يتذلل له صاحبه.
خلاص يابا ولا تزعل نفسك الارزاق علي الله واعتبر اني ماجيتش هنا من أساسه.
الټفت ليذهب من امامه ليحك الاخر ذقنه بريبة ويهتف فيه.
استني ياض انت! لف وتعالي أقف جنب صاحبك تاني كده.
رجع بيجاد مكانه ووقف بجوار صديقه وزاغت عينه بعيدا عنه بمراوغه.
انا شوفتك فين قبل كده ياض
انت
ليضحك حسن بسخرية محاولا تشتيت افكاره ويهتف
وهاتشوفه فين بس يا عم الحج دا تربية الملجأ من صغره.
لأ انا متأكد اني اعرفه الوش ده شبه حد انا عارفه كويس اوي بس للأسف مش قادر افتكره!
علم انه ربما يتذكره فهو أصبح صوره طبق الاصل من اباه وربما يأخذ من عمه بعض الملامح في شبابه.
بس انا اول مره اجي هنا واقابلك.
امم مش عارف ليه حاسس ان وراك حكايه
انا عارفها كويس اوي.
حاول حسن مره اخري ان يجذب انتباهه
حكايه حكاية ايه بس اللي هاتعرفها
يا حج عدلي دا واد غلبان تربية الملجأ من صغره
بص لو قلقان منه ومش عايزه خلاص اعتبره مجاش من أصله.
بس ياض انت بطل غلبه هو انت اللي هاتقولي اشغله ولا امشيه.
لا لاء براحتك خالص يا عم الحج شوف اللي انت عايزه طبعا واحنا علينا التنفيذ.
قولتلي اسمك بدر ياض!
ايوة
وبقيت اسمك ايه بقى
نظر في عينه بكل ثقة واجابه متعمدا الا يهتز امامه.
ماعرفش غير بدر وبس.
امم زرع شيطاني يعني
كاد ان ينقض عليه ولكن الاخر تمسك به ضاغطا علي يده حتي يتروي.
ابتسم له ليعلمه بأنه لن يستفز.
تقدر تقول كده يا حج.
وهاتعرف بقي تشتغل شغلنا ده يا سي بدر أفندي.
جربني لو ماعرفتش بقى يبقي يا دار ما دخلك شړ.
لأ يا حبيبي احنا دارنا كلها شړ واللي بيدخلها مش بيخرج منها تاني الا علي ضهره
طبعا.
وانا اضمنهولك برقبتي يا عم الحج صدقني مش هاتندم.
ماشي نجربه يا حسن اما نشوف مجايبك يا خويا خده ياض يلا وروحو استلموا الاكياس طبعا مش محتاج اعرفك ان الكيس اللي يضيع فيه رقبتك.
عارف يا حج اطمن ماتخافش
طب ابقي عرف صاحبك بقي يا فالح ويلا اتكلو من هنا.
ذهبوا من امامه وهو مازال يعصر زاكرته ويراجعها جيدا حتي يتذكر اين رأي ذلك الوجه المألوف جدا بالنسبة له.
دقه المستمر علي باب