حكايه فارس كامله
عن كتفيه قد أثقله كيف يتركها وهى هى التى ولدت ووضعت بين ذراعيه مباشرة قبل أن تلامسها يدي والدتها وقبل أن يراها أخيها وقبل أن يعلم أبيها بأنها قد جاءت إلى الحياة هى التى كبرت بين يديه واحتوتها غرفته لسنوات طفولتها ومشاغباتها وألعابها وسعادتها ومرحها بل وبكائها وتبرمها وضجرها وزرع فيها القيم والأخلاق التى أحبها وعاداته المفضلة فأصبحت تتوقع تتصرفاته قبل أن يفعلها وعلم عنها كل شىء بل وأكتشفها كما اكتشفته فاصبحت كتابا مفتوحا أمامه خالى من الألغاز لاتوجد به علامة استفهام واحدة ترددت كلمات أمه فى عقله مقتحمة ذكرياته مبعثرة أفكاره وهى تخبره أن أخيها أولى بها لأنها قد كبرت.. وضع الوسادة على وجهه يريد
نقر عمرو بخفة نقرات بسيطة باب مكتب صلاح ثم فتحه وأطل برأسه داخله وهو يقول
صباح الخيرات
ضحك صلاح وهو ينهض ويتجه إليه ..عانقه بحرارة وهو يقول
حمدلله على السلامة جيت أمتى
قال عمرو بمرح
لسه نازل من الجتر يا بشمهنديز
أهتز صلاح ضاحكا وهو واضع ذراعه على كتف عمرو وقال
جلس عمرو على المقعد المقابل للمكتب وقال برجاء
أبوس أديكوا بقى كفاية.. أنا لفيت جمهورية مصر العربية كلها هو انا عملت فيكوا ايه علشان ترحلونى كل شوية كده
أختفت أبتسامة صلاح وجلس على المقعد المقابل لعمرو وقال بجدية
يعنى مش عارف عملت ايه.. حد قالك تتجوز
أستند عمرو بمرفقه على حافة المكتب ولوح بيديه قائلا
مال صلاح للأمام وقطب جبينه قائلا
أسمع يا عمرو.. أنت
عارف أنى بحبك زى ابنى بالظبط وبصراحة كده انا مش عاجبنى تصرفاتك .. أنت زى ماتكون عاجبك اللى بيحصل ومبسوط أن فى حد بيجرى وراك وعايزك
عقد عمرو يديه أمام صدره وقال معترضا
هو انا يعنى عاوز أتمرمط كده ..أنا بس والله عاوز احوش قرشين علشان اعرف اجيب العفش ..ولو سبت الشغل دلوقتى يبقى قول على جوازى يا رحمان يارحيم ..أعمل ايه مضطر استنى واشتغل واسافر واستحمل بعدى عن أهلى ومراتى لحد ما الاقى شغل تانى على الأقل بنفس المرتب اللى باخده هنا.
يعنى جبت الشقة خلاص
قال عمرو بابتسامة واسعة
أه الحمد لله حاجة كده إيجار بس حلوه ومش محتاجه توضيب كتير يعنى تقريبا جاهزة
أبتسم صلاح وهو يقول متهكما
يعنى عاوز ثلاث سنين كمان علشان تعرف تجيب العفش !
زفر عمرو بحنق وقال بضيق
والله منا عارف انا شكلى هطلب سلفة .. أنت ايه رايك
فى حل تانى غير السلفة اللى انا متأكد ان مدام إلهام مش هتوافق عليها
قال عمرو بلهفة
إلحقنى بيه قوام
صلاح
عندى واحد صاحبى عنده معرض كبير للأثاث ..هو بيبيع بالقسط .. أنا هروح معاك اعرفك المكان واكلموا وهو هيظبطك فى حكاية القسط دى ان شاء الله متشلش هم
هب عمرو واقفا وأمسك رأس صلاح وقبلها بقوة وقال
ضحك صلاح ثم قال بجدية
عاوز نصيحتى ..أمشى دلوقتى قبل ما حد يشوفك ونتقابل بعد المغرب ونروح المعرض سوا .. بكره وبعده أجازة ممكن تاخد مراتك وتروحوا تنقوا العفش .
ثم أشار له محذرا وقال
ولما تنوى على معاد الفرح .. أنا اللى هخدلك الأجازة بنفسى علشان محدش يقفلك فيها
عانقه عمرو فى سعادة ثم تركه فجأة وفتح الباب وفر هاربا ! .
كان فارس عائدا من عمله فى وقت الظهيرة وقبل أن يأخذ طريق المنعطف إذا به يصطدم بعمرو الذى كان يمشى بخطوات واسعة فى الاتجاه المعاكس وهو على عجلة من أمره تفاجأ فارس بعودة عمرو وهتف وهو يعانقه فى سعادة
عمور جيت امتى حمد لله على السلامة
عانقه عمرو بقوة وربط على ظهره وهو يقول
واحشنى يا ابو الفوارس .. أنا لسه جاى طازة
فارس
ورايح على فين كده
مسح على شعره وقال بابتسامة واسعة
أصلى هروح عند عزة كمان شوية وقلت يعنى اجيبلها هدية بقالى كتير معملتهاش
ضحك فارس وهو يقول
أيه ده .. بقى عندك ډم أخيرا مبروك يا اخى ..
عمرو
الله يبارك فيك عقبالك كده لما تتجوز وتريحنا منك
تذكر عمرو مقابلته مع صلاح فقال سريعا
صحيح يا فارس ما تيجى معايا النهاردة ..هروح معرض بيبع عفش بالقسط أيه رأيك تيجى تتفرج .. أستاذ صلاح يعرف صاحب المعرض وهيظبطلى موضوع التقسيط وان شاء الله هيبقى القسط حنين
لمعت عينيى فارس وقال
أنت وقعتلى من السما يابنى.. ده انا كنت فى مشكلة بسبب الموضوع ده محتار هجيب العفش منين وبكام
ربط عمرو على ذراعه وهو يقول بغرور
خلاص نتقابل نروح سوا ..بس ابقى عد الجمايل بقى ها..
ثم أردف متسائلا
هتناقش الرسالة أمتى
قال عبارته الأخيرة وهو يرى فارس ينظر فى الأتجاه الآخر بتركيز فأعاد عبارته مرة أخرى ولكنه لم يجبه أيضا بل وتركه وتحرك بسرعة تابعه عمرو بعينيه