قدر بقلم سارة مجدي
من أصعب الأيام على قدر ... من آلام الحمل المعروفة فى تلك الفترة من الحمل ... و بين محاولاتها المستميته هى و زوج عمتها فى إقناع رجال البلده
بما يقومون به
و لكن أصرارها ... و ثباتها ... و هى فى تلك الظروف جعل الكثير يساعدها ... و ها هى اليوم تفتتح أول مشروعاتها
مشغل الخياطه الخاص بها و الذى أصر رمزى على أن يكون أسمه ... لكل منا قدر
سعى رمزى بكل ما لديه أن يجعل المحافظ هو من يحضر ذلك الإفتتاح ... رغم أن ذلك صعب جدا لكنه كان يعلم جيدا بخطة قدر و ما تسعى إليه ... أنها تريد أن تحقق لأبنتها و لجميع الفتايات فى القرية ما لم تستطع تحقيقه لنفسها ... من الحصول على جميع مراحل التعليم ... و أيضا الرعاية و الأهتمام و الحصول على كافه حقوقهم التى هدرت على يد جدها كبير البلده منذ زمن طويل
دلف رمزى من باب المشغل ... ليبتسم بعطف أبوى و هو يقول
مبروك يا بنتى
نظرت إليه بابتسامة واسعة و هى تقول
ده تعبك و مجهودك و أفكارك ... أنت الأساس يا بنتى
تلك الكلمة من جديد ... التى تجعل قلبها يزهر سعادة و فرح ... لتقترب منه و أنحنت تقبل يديه بإحترام و حب و قالت بصدق
أنا فعلا لو أبويا كان عايش مكنش هيحبنى و يقف جمبى بالشكل ده ... يا بابا
يلا بقا يا بابا خلينا نروح البيت نجهز ده المحافظ بذات نفسه جاى
ليتحرك معها و الإبتسامه مازالت ترتسم على وجهه ... و لم تكن سناء أقل منهم سعادة ... أن زوجها يحقق نجاح كبير مع إبنة أخيها ... و أيضا ترى تقارب كبير بينهم ... و هى تعيش مع قدر رغم أنها تخطت العشرون عاما .. إلا أن إحساس الأمومة تجاهها و كأنها طفله صغيرة ... فى عامها الأول يغلب على قلبها المتعلق بها و الذى حرم من ذلك الإحساس تجاه طفل من رحمها
صعد كل منهم إلى غرفته حتى يستعدوا لأستقبال المحافظ و كان رمزى قد أعد كل أركان الإحتفال بأفتتاح المشغل بكل الأشياء المناسبة من فرقة شعبية مميزة و أيضا بعض الأطفال
الذى أشترى لهم ملابس جديدة موحده يقفون على جانبي المشغل و البالونات الكبيره المزينه بإسم قدر ... و الأضواء المنتشرة فى كل مكان و سعادة الفتايات الذين أصبحوا من عاملات المشغل كل شىء كما تريده قدر و أكثر
نظرت إلى هيئتها النهائية بفستانها الذهبى و حجابها البسيط و زينة وجهها التى لا تذكر و أخذت نفس عميق و هى تدعوا الله أن يوفقها فيما هو قادم
الفصل الخامس
واقفه بجانب زوج عمتها فى إستقبال المحافظ الذى أشاد بكل ما يراه و الذى أصدر قرار بمساعدة قدر فى كل ما تريد فعله فى البلده
و ذلك جعل الكثير من الرجال يتحمسون ليجعلوا بناتهم ينضمون للعمل مع قدر
التى أعلنت أنها ستقوم بتوسيع المشغل و عمل مشروعات أخرى و طالبت من المحافظ ببناء مدرسة للفتايات بها الثلاث مراحل حتى لا يجعل أمام الآباء أى إعتراض أو سبب لعدم إرسال بناتهم للمدرسة
أبتعدت عن الجميع و وقفت فى مكان هادىء نسبيا تتابع ما يحدث بعيون ضاحكه رغم تلك الدموع التى تملئها ... أخذتها أفكارها لأصلان و ماذا سيكون موقفه إذا رآى ما وصلت إليه و ما أستطاعت
أن تحققه من نجاح
و عند هذه النقطه أخذت نفس عميق و عادت
تقف بجانب المحافظ و قالت بهدوء
عايزه أستأذن حضرتك فى زيارة علشان أخد موافقة على بناء المدرسة بعد ما أقوم بتوفير كل الشروط
نظر إليها المحافظ بابتسامة عمليه مشجعة و قال بصدق
بابى مفتوح ليكى فى أى وقت
أبتسمت بسعادة و ها هى تخطوا خطوة جديدة فى طريق ما تريد
وضعت يديها فوق بطنها المسطحة وقالت هامسة
خطوة كمان علشان خاطرك ... بكرة هخليكى فخورة بيا و خليكى تحققى كل إللى مقدرتش عليه
كان يقف أمام النافذة الكبيرة ينظر إلى الفراغ أمامه لايعلم لماذا وبعد تلك المده يفكر فيها
لا تريد أن تفارق مخيلته
بالأمس وهو بين صافى التى لا تبخل عليه بأى شىء يريده جسدها و مالها و مركز والدها لكنه كان يتذكرها هى .... على الرغم من أن ذكرياته معها لاتختلف كثيرا عن
بابا مستنيك بكرة علشان تمضوا عقود الشړاكه
ألتفت لها دون أن يبتعد عن حصار ذراعيها و قال بسعادة
بجد يا بيبى
أبتسمت بدلال و قالت و هى تريح رأسها
بجد طبعا ... هو كمان متحمس جدا للشړاكه دى لأنه بيحبك ... بيحبك اوووى
تحولت نظراته لسعادة كبيرة يملئها الغرور و الكبر و هو يتذكر قدر
و يلوم نفسه كيف يترك تلك الفتاة رائعة الجمال صاحبت الحسب و النسب و المركز والجاه من يجد بين ذراعيها كل ما يتمنى و أكثر و يفكر فى تلك الضعيفه التى ورغم كونها أبنة عمه إلا أنها لا تليق به و لا تليق لأكثر من أن تكون فى حياته خادمة
حمل صافى و عاد بها إلى الفراش يبثها حبه و دلاله على ذلك الخبر الذى أسعده و بشده
خطوته الكبرى فى تحقيق أحلامه
مرت الأيام و الشهور و كانت قدر تشعر بسعادة كبيرة و هى تحقق أحلامها ... و ترى عدد الفتيات داخل الورشة يزداد و الورشة تتسع و تكبر ... و أصبح لها ثلاث فروع فى ثلاث أماكن مختلفة فى البلده
كانت تجلس خلف المكتب تباشر العمل حين دلف رمزى من الباب و هو يقول بسعادة
الموافقة على بنا المدرسة صدر يا قدر
وقفت تنظر إليه باندهاش و صډمه لكن يرتسم على محياها سعادة كبيرة ليقترب منها أكثر و هو يقول بفخر
حلمك بيتحقق يا قدر ... قدرتى تكسرى القيود و العادات القديمة
كانت تستمع إليه و هى تتذكر الشهور الماضية و ما حدث فيها
بعد إفتتاح الورشة بعدة أيام وقف أحد رجال البلده و الذى يقارب جدها عمرا يقول بصوت عالى
خلاص البنات قلعت برقع الحيا و نزلت تشتغل ... خلاص الرجاله هتلبس طرح و تقعد فى البيت زى الحريم و بناتهم تصرف عليهم
خرجت قدر تقف أمامه تنظر إليه باندهاش ...و خلفها وقفت الفتايات التى تعمل بالورشة و الشباب أيضا و أهل البلده الذين أستمعوا لصوت ذلك الرجل ... ليكمل الرجل كلماته
الله يرحمه جدك ... كان حاكمك ... و مش عارف إزاى أبن عمك سايبك كده تعملى إللى على هواكى
لتتحرك قدر خطوتان لتقف أمامه مباشرة و قالت بثقه
البنات مش عار ... و لا قلعنا برقع الحيا ... إحنا بنشتغل فى مكان محترم له باب و كل إللى رايح و إللى جاى شايف إللى بيحصل جوه ده غير شبابيكه الكبيرة .... و الرجاله ملبستش طرح لا
هما فهموا أن بناتهم نعمة كبيرة من ربنا مش عاله عليهم هى زيها زيهم من حقها تتعلم و تشتغل ... البنت هى نص المجتمع يا عمى و هى إللى بتجيب للدنيا النص التانى و هى كمان إللى بتربيه
كان الجميع يستمع إليها و بداخلهم مشاعر مختلطه النساء و الفتيات يشعرون بفخر أن هناك واحدة منهم تسعى أن تكسر كل تلك القيود التى تلتف حول عنقهم و الرجال يفكرون فى كلماتها التى ضړبت أماكن الفهم فى عقولهم
و منذ ذلك اليوم و بدأت الفتايات فى التقدم للعمل معها
عادت من أفكارها و هى تقول بسعادة
الحمد لله يا بابا ... أنا فرحانه جدا جدا
ثم أقتربت منه و قالت بأمتنان
لولا وقفتك معايا أنا
مكنتش وصلت لكل ده
ليرفع يديه يسكت سيل كلماتها و قال بأقرار
طول عمرى شايف الظلم إللى طايل كل بنت و ست فى البلد هنا و كل إللى قدرت أعمله أنى أنقذ عمتك من كل الألم ده و أحميها و أكرمها
ثم رفع يديه من جديد يشير إليها و أكمل قائلا
أنت كنت مفتاح السر و كنت المفتاح إللى فتحنا بيه الأقفال المصديه و إللى حررنا بيه كل البنات
كلماته كانت كالبلسم الشافى على چروح روحها التى تمزقت طوال سنوات عمرها ... و فتح أمامها أبواب الجنة لتحلق بها بحريه دون قيود
يقف فى
مكتبه الجديد ينظر من النافذة الكبيرة إلى العالم أسفل قدميه ... أنه يشعر أن لا أحد الأن أكبر و أهم منه ... اليوم سيعلن خطبته الرسميه لصافى واليوم يكون شريك لأكبر رجال الأعمال إمبراطور المقاولات و الهندسه رجل الدوله الأول فى التصدير و الأستيراد أنتبه لمن كان يقف خلفه بعدة خطوات يخبره عن مواعيد يومه
الټفت إليه و قال
خلاص يا نور مفياش دماغ أسمع كل ده و أحفظه أتعود أن قبل كل معاد بنص ساعه تدينى خبر و بس
أومىء نور السكرتير الخاص به بنعم و قال بهدوء
أول مواعيد حضرتك بعد نص ساعه مع مهندسين الشركة أجتماع مصغر للتعارف و تحديد خطة العمل
أومىء أصلان بنعم و هو يجلس خلف مكتبه ... مكتب فخم و أنيق
.. داخل مؤسسة الصافى الدولية
غادر نور الغرفة
عاد من تخيلاته و هو يأخذ نفس عميق و ينمو بداخله إحساس قوى بالفخر و الذهو و الأنتصار
ليخرج هو هاتفه من جيب بنطاله يود أن يتحدث إليها ... أن يسمع صوتها الذى يحمل الكثير من الذل و الهوان ... يريد أن يشعر بها أسفل قدميه من جديد أغمض عينيه لثوان يتذكر ذلك الإحساس حين كانت تجثوا على ركبتيها أسفل قدميه تخلع عنه حذائه و چوربيه لكن و رغم كل ذلك كان لها مذاق مميز و مختلف
ظل الهاتف فوق أذنه يستمع إلى الرنين و لكن بلا رد نفخ بضيق و هو يسأل نفسه أين هى و كيف لا تجيب على أتصاله ... كيف