قصه جديده بقلم سهام العدل
مذعورا يردد صبا مستحيل
الرابع
ترك ولديه دون الرد عن تساؤلات أخته التي أصابها الهلع من هيئة أخيها وذهب إلى سيارته ثم قادها بسرعة چنونية وهو يشعر أن ذلك الطريق الذي كان لا يستغرق أكثر من ربع ساعة أصبح طويلا لا ينتهي يدعويدعو الله طوال الطريق أن تكون تلك الرسالة مزحة أو لحظة ضعف واستردت صواب عقلها بعدها.
وصل إلى المنزل وهو يرتجف من الخۏف أن تكون فعلتها تلك المچنونة ورغم ذلك فتح الباب مسرعا وصعد السلم قفزا حتى وصل إلى غرفتهما ويا هول ما رآه سلط نظره عليها وهو في حالة يرثي لها وكأن الډماء في جسده تنسحب تدريجيا وأطرافه فقدت قدرتها على الحركة شريكته في الحياة معلقة في حبل متدلي من السقف زوجته وأم أبنائه أمامه چثة هامدة خالية من الحياة...ولكن للحظة ظن أنه من الممكن أن يكون مازحا وهي مازالت حية فتغالب على حالته واقترب منها جاذبا تلك الكرسي الذي من الواضح أنها دفعته قبل أن تلتقط أنفاسها الأخيرة ووقف عليه متحسسا نبضها الذي وجده توقف بالفعل محتضنا إياها بۏجع ېمزق قلبه وظل صامتا لفترة قليلة قبل أن يعاتبها قائلا ليه ياصبا.. ليه.. أنا أستاهل منك كده طب يزيد ويزن يستاهلوا كده!!!... هنا عليكي تسيبنا طب نكمل
استرد صلابته عندما اهتز الهاتف في جيب سترته فأخرجه وجدها ياسمين التي والته بالرنات منذ خروجه من منزلها ولكنه لم يجيبها تلك المرة أجابها وقبل أن يقول شيئا سمع صوتها القلق فيه إيه ياياسر طمني صبا كويسة أنا مش عارفة أسيب يزيد ويزن وآجي طمني
تعلو ضحكاتها على حديث آسر الذي لا يخلو من المزاح هو الوحيد القادر على تغيير مزاجها الحاد أكثر الوقت وعلى الرغم من اختلاف تفكيرهم وشخصياتهم ولكن سيظل آسر أخاها الذي يكبرها بخمسة أعوام هو الأقرب إلى قلبها ورغم فشله الذريع في أي مجال يعمل به ولكن بداخلها يقين أنه مازال لديه شىء عظيم يستطيع أن يخرجه ويعوض به فشله ولكنه نفسه لم يكتشفه بعد.
زفرت يمني ثم رفعت حاجبيها باستنكار وقالت بنبرة حادة قوليله شكرا مش عايزين منك حاجة ولو احتجنا هنطلب اللي عايزينه من أي مكان
تدخل آسر لإنهاء الأمر وقال خلاص يايمني سيبيه ودلوقتي حد هيجي ياخده وإنتي ياآنسة اتفضلي ومتشكرين لتعبك معانا
أومأ آسر رأسه وقال ردي وشوفي عايزة إيه
عندما أجابت على المكالمة أتاها
صوت والدتها تصرخ فيها أنتي فين يايمني
شعرت يمني بالخۏف فردت عليها فيه إيه ياماما
أجابتها أمها بنفس النبرة مصېبة يايمني صبا ماټت تعالي حالا ثم أغلقت الخط.
هزت يمني رأسها بذهول رافضة الفكرة مستحيل
قلق آسر من هيئة أخته فسألها في إيه يايمني.. ماما كويسة
أجابته بعينين دامعتين صبا مرات أخوك ماټت
صمت آسر للحظات غير مصدق ماتفوهت به جذبت يمني حقيبتها وانطلقت مسرعة خارج الغرفة بينما ناداها آسر بصوت مرتفع يمني استنى أنا جاي معاكي ولكن يمني انطلقت مسرعة غير آبهة بشيء.
لمحها يوسف وهو واقف يتحدث مع أحد الأطباء تخرج مسرعة ووجها شاحب ويبدو عليها الإنزعاج فخطي بسرعة لاحقا بها قبل أن تغادر المستشفي مناديا يمني يمني استنى
وقفت للحظة قبل أن تخرج من باب المستشفي وكان يوسف قد لحقها وأمسك ذراعها قائلا يمني مالك!
زفرت بإختناق وعينين ممتلئتين بالدموع وقالت يوسف أرجوك أبعد عني دلوقتي
نظر إليها منزعجا من هيئتها الهشة التي نادرا مايراها فترك يدها وقال بصوت حاني تمام هسيبك بس قوليلي فيه إيه مخليكي كده
أجابته بإستسلام صبا ماټت يايوسف ولازم أروح حالا
تأثر بذاك الخبر وهم بجذبها قائلا تعالي وأنا هوصلك
أنا لازم أمشي حالا لازم أبقى مع أخويا... قالها وهو ېصرخ في سدرة التي تقف أمامه مړتعبة من حالته المنفعلة فابتلعت ريقها پخوف وقالت تمثل الثبات وأنا المطلوب مني إيه
مسح شعره بيده محاولا السيطرة على انفعاله وأخذ
نفسا عميقا وقال بنبرة يستعطفها ساعديني ياسدرة إني أخرج من هنا تلفوني ضاع من يوم الحاډثة ومش عارف أخرج لوحدي ولا أمشي على رجلي
أجابته سدرة بإرتباك طب والدكتور يوسف
لمح آسر بريق أمل في مساعدتها فقال بحماس متشليش هم ليوسف خروجك معايا على مسئوليتي أنا بس ساعديني أروح لياسر
أومأت بموافقة واقتربت منه تساعده في النزول ثم مغادرة المستشفي.
لقد خارت قواها من شدة القيء الذي لازمها منذ أيام فخرجت من الحمام تستند على الحوائط حتى جلست على أقرب كرسي قابلها تلتقط أنفاسها المتقطعة في نفس اللحظة دخل زوجها عائدا من عمله تعجب من جلوسها على هذه الحالة فاقترب منها متسائلا مالك ياغصون.. قاعدة كده ليه
ردت غصون بصوت متعب تعبانة أوي ياسعد الترجيع مبيوقفش.. لما حاسة إني ھموت
رد عليها بنبرة شامتة مش كان نفسك في الخلف ياختي.. اشربي بقى
نظرت له بخيبة وقالت بدموع ده اللي ربنا قدرك عليه ياأخي.. بقولك خلاص مبقاش فيا حيل
زفر بعصبية وقال يوووه.. وأنا اعملك ايه ياأختي.. ماتكلمي الدكتورة اللي كنتي عندها وتقوليلها
ردت بعتاب أقولها إيه ياسعد هو أنت كنت جبت العلاج اللي كتبته عشان أقولها أخدته ولسه تعبانة
ابتعد عنها وقال بإنفعال وأنا أجيب منين ماأنتي عارفة اللي فيها ومن زمان قولتلك قولي لأمك ولا لأبوكي على فلوس نمشي بها حالنا وأنتي اللي مرضتيش يبقى اعمل إيه أموت نفسي عشان ترتاحي!!!
ردت عليه ببعض القوة التي نادرا ماتحضرها قولتلك مية مرة عمري ماأنا قايلة لأهلي على فلوس كتر خيرهم أوي لحد كده ربوني وعلموني وجوزني.. مش هخليهم يصرفوا عليا كمان بعد الجواز
نظر لها بغيظ ثم قال خلاص بقى وأنا أعمل إيه ظروفي كده
ردت عليه بحدة تعمل إيه!!.. وفلوسك بتروح فين.. أنا ماشية البيت ع الأد الإيجار وبيفضل متأخر بالشهور شغلك بقى ده بيتصرف فين
نظر لها والشرر يتطاير من عينيه وقال أنتي بتحاسبيني يابت هتكون بتروح فين غير عليكي وعلى طفحك الجراءة بقت واخداكي ياغصون وأنا هربيكي
رحمها من غضبه نوبة القيء الذي أتتها مرة أخرى مما جعلها تنهض مسرعة إلى الحمام.
قفزت من السعادة عندما جاءها إشعار بإشارة من الفيس بوك أنها هي التي فازت بالمسابقة وعلى الرغم من سعادتها بعلمها الصغير المكون من سريرها ولوحاتها وأدوات الرسم وهاتفها إلا أن ۏجع تلك الوصمة التي وصمتها للأبد لا يفارقها مهما سعدت بإنهاء عمل لها أو بإعجاب الجميع بما ترسمه إلا أنا غصة تلك الوصمة لا تفارقها رفعت يدها تتحسسها كعادتها كل يوم وكأنها تذكر نفسها أن آلاف الإعجابات التي تنالها عبر الإنترنت ماهو إلا إعجاب فقط بما تخطوه يدها وإن رأوها حقيقة لن ينالها إعجاب واحد من هؤلاء.
أتاها إشارة أخرى فتحتها وجدت من تميم عمران محتواها لابد التواصل مع إدارة
الجروب للحصول على الجائزة
ردت اتواصل مع مين
أجابها سنتواصل معكي نحن
وخلال لحظات فتحت الدردشة وجدت منه رسالة ألف مبروك ياآنسة سدن تستحقيها عن جدارة
ردت الله يبارك في حضرتك متشكرة
كتب أنا من أشد المعجبين بأعمالك
ردت شكرا
كتب لكي عندنا جايزة وعايزين تيجي تستلميها
توترت ثم كتبت آجي فين مينفعش طبعا
ابتسم وكتب أصل جايزتك فوتوسيشن هدية من العبد لله وده هدية مني لك وفي أحسن مكان تختاريه
زادت حړقة تلك الغصة التي لا تفارقها فابتلعت الدموع التي تحجرت في عينيها وكتبت لا متشكرة ومتنازلة عن الجاية مع السلامة
شعر بخيبة وكتب طب استني ماأنتي ممكن والدتك أو والدك أو أي حد يجي معاكي لو خاېفة
أغلقت هاتفها ووضعته بجوارها دون رد وانزلقت تحت الغطاء هاربة من مواجهة حقيقة ټحرقها كل ليلة.
انتهت مراسم الډفن والعزاء ولم يتبقى سوي أمه وأخواته يجلس في عالم آخر لم يشعر بمن حوله تأبى عيناه أن تبكي ويأبي قلبه أن يرثي إمرأة لم يعرف الحب سوي بين يديها ولم يعرف للسعادة معنى سوي من نظرة عينيها ذاك الحب الذي حمله لها قلبه يأبى عقله الآن أن يبكيها بل يلومها على ضعفها والإنسحاب من حياته هو وولديه كيف لها أن تفعل ذلك وتهرب من عالمهم بكل سلبية واستسلام
وخضوع!!.. كيف إستطاعت أن تمزق قلب أحبائها وتجعل ڼار فراقهم تحرقهم مدى الحياةتذكر رسالتها الأخيرة التي أرسلتها قبل انتحارها بلحظات والتي كتبت فيها
سامحني يا ياسر عارفة إني تعبتك معايا كتير وظلمتك أنت ويزن ويزيد وأنت استحملتني ونفسك إني أرجع صبا حبيبتك بتاع زمان بس للأسف مۏت ماما وصهيب قتلني معاهم عشان كده أنا هروح لهم هما أكيد بيستنوني وده أحسن ليا وليك بس ليا رجاء عندك دايما فكر يزيد ويزن بيا وأوعي في يوم تصغرني في عيونهم وأنا عارفة أنك أهل لده سلام ياحبيبي
تنهد بۏجع وبعد تفكير عميق استرد قوته والټفت حوله ليجد أمه وأختيه احمرت عيونهم وتورمت جفونهم من شدة البكاء وأخيه يجلس في حالة يرثي لها فنهض واقترب من أمه تلك السيدة الوقورة التي تجاوزت الستين عاما ولكن هيئتها القوية التي لم تغيرها السنين مازالت تميزها ومال عليها قائلا ياللا ياأمي.. قومي خلي يمني تروحك الجو برد وكمان آسر محتاج يرتاح
قالت أمه بصوت حزين أنا مش هسيبك ياحبيبي.. هقعد معاك.
ربت على كتفها وقال ببعض الحزم اطمني ياماما أنا كويس.. كلكم هترجعوا بيوتكم