قصه كامله
بعودته
تنهدت فى قوة وهى تراه يلج باب منزله وألتفتت للداخل لتطمئن أن أختها مازالت غارقه فى نومها كما كانت تظن فأغلقت نافذتها وأسدلت أستارها وأتجهت لفراشها وما أن سكنت راسها إلى وسادتها وأغمضت عيينيها حتى سمعت أختها تقول بخفوت خلاص أطمنتى أنه رجع
فزعت عزة وحدقت فى أختها فى سريرها المجاور تحاول أكتشاف عينيها فى الظلام وقالت أنتى لسه صاحيه يا عبير
زفرت عزة بضيق وهى تقول بطلى الاوهام اللى فى دماغك دى يا عبير أنا مكنتش مستنيه حدانتى عارفه أنى مش بستحمل الحر وكنت واقفه بتهوى شويه فى الشباك
شبكت عبير أصابع كفيها وقالت
نهضت عزة وأغلقت المصباح الصغير وعادت لفراشها وهى تقول نامى يا عبير نامى وياريت تشيلى الاوهام دى من دماغك
وضعت عبير وسادتها مكانها وأسترخت على فراشها وهى تقول بهمس ياريت يا عزة تكون أوهام فعلا
فى الصباح وهو فى عمله أكتفى بأن يتحدث معها فى العمل فقط رغم محاولتها للتقرب منه ولكنه مازال صادا لهاوقفت فى الطريق فجأة وقالت بإجهاد خلاص مش قادره تعبانه أوى
وقبل ان يشير لسيارة أجره أستوقفته بيدها وهى تقول استنى بس انت ايه معندكش تفاهم هتشاور للتاكسى على طول كده
نظر إليها يتفحصها فى صمت ثم مط شفتيه قائلا بتمثلى يا دنيا عامله فيها تعبانه
أبتسمت وهى تتلمس أصابعه وهى تقول أعمل ايه بقى ما أنت مخاصمنى ومش عاوز تدينى ريق حلو خالص
أمسكت ذراعه لتوقفه عن التقدم وقالت بدلال طب انا عطشانه ممكن تشربنى الاول
أشاح بوجهه عنها وأخذ يتلفت حوله الا ان قال تعالى نعدى الشارع
عبرا الطريق وإذا به يدخلها أحد المحال ثم ابتاع كوبين من العصير وقدم لها واحدا قائلا أتفضلى
نظر اليها بدهشه قائلا ايه مش عارفاهعصير قصب
قالت بأستنكار منا عارفه أنه عصير قصببس انا بقولك تعبانه وعطشانه تقوم تجيبلى عصير قصب ثم تابعت بحنق كنت فاكراك هتقعدنى فى مكان هادى استريح فيه شويه مش تدخلنى محل عصير قصب
ظهر الحزن فى عينيه ونطقت به ملامح وجهه وقال بيأس هو ده اللى عندى يا دنيا
نظر اليها نظره طويله وكأنها يحاول الغوص فى أعماقها ولكنه لم يفلح فهى اصبحت متمرده أكثر من ذى قبل وافعالها متناقضه من وجهة نظره بعض الشىء مع مشاعرها تجاهه
أنهى اليوم بصعوبه وهو يحاول تجنبها قدر المستطاع حتى رحل كل منهم الى مسكنه محمل بالكثير من التساؤلات
وصل فارس الشارع الذى يقطن به وقت أذان الظهر فغير وجهته الى المسجد الذى يبعد قليلا عن منزله توضأ ووقف يصلى السنن وبعد أن أنتهى وجد شخصا يربت على كتفه بحنان قائلا ايه يا عم انت مخاصمنا ولا ايه
الټفت فارس الى صاحب الصوت والابتسامه تعلو شفتيه ليصطدم بأحب الوجوه إلى قلبه منذ سنوات كثيرة فهو صديق قديم له وهو من أيده الله تعالى لفارس ليجعله مداوما على صلاته منذ ان كان فى الثانويه العامه
صافحه بحراره مرددا مش معقول شيخ بلال واحشنى جدا
نهض الرجلين وتعانقا طويلا ثم قال فارس بشغف انت كنت فين كل ده يا شيخ ده انا روحت سألت عليك فى بيتك الوالده قالتلى انك مسافر
أنحنى بلال على أذنه قائلا بمرح كنت فى ألمانيا
أتسعت عينيى فارس لبرهه فضحك بلال بصوت خفيض قائلا ايه مالك اټخضيت كده ليه
أقترب منه فارس هامسا ليه يا شيخ بلال ده انت يا أما فى المسجد يا أما فى شغلك يا أما فى البيت ياخدوك ليه
رفع بلال كتفيه قائلا ما انت عارف بقى أخوانا البعدا يا فارس طالما ملتحى وبتخطب فى مسجد لازم يتحط تحتيك مليون خط أحمر ويبقى ليك ملف عندهم
قطب فارس جبينه وهو يقول حسبى الله ونعم الوكيل بياخدوا عاطل على باطل كده
ابتسم الشيخ بلال وهو يقول سيبك مني انا خلاص جسمى نحس ها قولى بقى انا سمعت أنك أتخرجت اولا ألف مبروك ثانيا ناوى تعمل ايه بعد التخرج هتكمل فى المكتب ولا هتستنى حلمك الكبير
كاد فارس أن يتحدث ولكن
الامام أقام الصلاة فوقفا فى الصف وكبرا ليدخلا فى الصلاة
بعد أنتهاء الصلاة جلس كل منهما يتلو الاذكار ثم خرجا سويا من المسجد أخذ فارس ينظر للشيخ بلال بحب وهو يقول والله انا مش مصق انى شوفتك تانى يا بلال ده انت واحشنى جدا
والله
قال بلال مداعبا وأنت والله يا فارس ها ياعم مش هتبقى وكيل نيابه بقى علشان تبقى تحقق معايا أنت اهو بدل الغريب برضه
لم يستطع فارس ان يضحك أو حتى يبتسم وهو يقول أنا لو ربنا
كرمنى عمرى ما هبقى ظالم زى اللى بيحققوا معاك ومع غيرك يا بلال
بلال ا ه يبقى أنت لسه على عهدك يا فارس وبتحلم بالنيابه قولى بقى شغال مع الاستاذ حمدى ولا سبته
فارس لا لسه طبعا شغال معاه وفى نفس الوقت هستنى التعينات وربنا يكتبلى اللى فيه الخير يا بلال أدعيلى أنت بس
وقف بلال والټفت الى فارس ووضع يده على كتفه قائلا بهدوء ربنا يكتبلك اللى فيه خير ليك يا فارس سواء فى دنيتك او أخرتك أسعى وأجتهد وأحلم بس لو محصلش نصيب أفتكر دايما ان الله سبحانه وتعالى لا يأخذ منك الا ليعطيكأفتكر دايما الكلام ده
أومأ فارس براسه وهو يقول بأبتسامه والله وحشنى كلامك يا بلال
كانا قد اقتربا من منزل فارس كثيرا وهما يتحدثا ويتذكران ايامهما السابقه بينما وقف العم عامر على باب ورشته ينظر اليهما فى ترقب وهو يقول مين اللى مع الاستاذ فارس ده
خرج من ورشته وأقترب منهما وهو يتفحص بلال ثم وقف على مقربة منهما ونادى فارس قائلا أستاذ فارسأستاذ فارس
ألتفت له فارس بأبتسامه فقال عامر تعالى لحظه بس
قال بلال وهو يصافح فارس طب أسيبك انا بقى يا فارس وأشوفك بعدين
أوقفه فارس بلهفه قائلا لا والله لازم تطلع معايا ونشرب الشاى مع بعض ثوانى أشوف عم عامر وارجعلك
توجه فارس الى عامر ووقف أمامه قائلا خير يا عم عامر فى حاجه ولا ايه
قال عامر بقلق مين ده يابنى
فارس بأبتسامه ده صاحبى من زمان بس كان مسافر
تابع عامر بنفس القلق تعرفه كويس يعنى
فارس اه طبعا بقولك صاحبى من زمان بس مكنش بيجى الشارع هنا كتير كنا بنتقابل فى المسجد
لاحظ بلال نظرات القلق فى عينيى عامر فنظر له وابتسم ابتسامه ودوده
وبرد فعل تلقائى وجد عامر نفسه يبتسم هو الاخر بدون سبب واضح من وجهة نظره وقال لفارس شكله طيب صاحبك ده
ضحك فارس وهو يربت على كتف عامر قائلا و أنت كمان طيب يا عم عامر وألتفت الى بلال وناداه قائلا شيخ بلال
أقترب بلال منهما محتفظا بأبتسامته فقال فارس عم عامر بيسأل عليك يا بلال أصله عم عامر ده بقى زى شيخ الحاره كده لازم يعرف اللى داخل واللى خارج
أومأ بلال برأسه قائلا طبعا عارفه من زمان يا فارس انا اه مكنتش باجى كتير بس انا مبنساش الوشوش بسرعه وخصوصا وشوش الناس الطيبه
ومد يده ليصافحه صافحه عامر بود وقد زال قلقه بسرعه وقال تعالوا بقى اشربوا معايا الشاى
فارس بسرعه لا الشاى ده عندى المره دى ان شاء الله هنبقى نعدى عليك بعدين يا عم عامر
بحث بلال فى جيبه عن شىء ما ووجده أخيرا أخرج من جيبه زجاجة مسك صغيره وقبل أن ينصرف مد يده بها الى عامر قائلا أتفضل يا عم عامر دى هديه بسيطه كده
نظر لها عامر بدهشه قائلا ايه ده ريحه
ابتسم فارس قائلا ده اسمه مسك يا عم عامر بس حلو اى هيعجبك
قال عامر وهو يتفحص بلال بس بمناسبة ايه ده
قال بلال بهدوء وعينين يشعان صدقا بمناسبة انى أتعرفت على راجل طيب زيك يا عم عامر وبعدين الرسول عليه الصلاة والسلام قال تهادوا تحابوا وانا نفسى تحبنى زى فارس كده
أبتسم عامر وهو يتناول زجاجة المسک من بلال قائلا متشكر يابنى ربنا يحميك لشبابك هديتك مقبوله
طرق فارس باب شقته ففتحت والدته وهى تقول بتخبط ليه ما أنت معاك مفتاح يا فارس
فارس معايا واحد صاحبى يا ماما
وضعت والدته حجابها على شعرها وهى تقول ببساطه أهلا وسهلا يابنى أتفضل
تنحنح بلال وهو غاضا لبصره قائلا أهلا بيكى يا حاجه معلش أزعجناكى
أفسحت الطريق وهى تقول بأبتسامه طيبه لا يابنى البيت بيتك أتفضلوا
أخذه فارس الى غرفته وأغلق الباب خلفه وجلس أمامه مبتسما وهو يقول والله زمان يا بلال ها أحكيلى بقى
تنهد بلال وقال أحكيلك ايه بس ربنا ما يكتبها عليك ولا على حد أبدا سيبك مني أحكيلى أنت وصلت لحد فين فى الدنيا
بدت علامات التوتر على فارس وكأنه يبحث عن بدايه مناسبه لحديثه ويختارها بعنايه وبدأ يقص على بلال ما يشعر به قائلا مش عارف يا بلال من ساعة ما أتخرجت لحد دلوقتى فى حلمين مش متأكد انهم هيتحققوا النيابه ودنيا
رفع بلال حاجبيه بأهتمام قالا طب النيابه وعرفناها مين دنيا
قال فارس بحرج دى بنت أتعرفت
عليها فى سنه رابعه ووحبيتها
أبتسم بلال وهو يقول طب ومحرج كده ليه انت فاكرنى هقولك الحب حرام يعنى
زاد حرج فارس وخجله من صديقه وهو يقول لا أصل أنا مش بحبها من بعيد لبعيد يعنى انا أنا بقابلها وبنخرج سوا ثم بدأ فى الدفاع عنه نفسه بسرعه قائلا